14‏/10‏/2011

ما يحدث الأن في ربيع العرب كارثة ...فهل يمكن التريث قليلاً ؟!

 " نحن مع التغيير الايجابي فقط , و الذي ينقل المواطن من حال المحكوم الى حال الحاكم الذي يصنع قراره و يشارك في رأيه ليكون مساهما حقيقيا في رسم مستقبل بلده ... اما إن يكون التغيير ظاهره ايجابيا و باطنه مأساة فهو مما نحذر منه و نخاف منه ... فالموت على يد حاكم ديكتاتوري أرحم بألف مرة من المساهمة في قتل بلد و شعب . "

لا يمكن القول بان التغيير الذي اسقط النظام المصري قد قاد مصر الى فوضى اجتماعية و عرقية و ان بقاءه كان سيضمن إستتاب الامور و استقرارها على غرار المشهد العراقي ... فالتغيير الايجابي من واقع محكوم الى واقع حاكم  ليس بالشيْ السيْ و هو في قمة الوعي الفكري و الاجتماعي , و لكن التغيير من حال لحال لا يكون ايجابيا بالمعنى الحقيقي الا اذا سبقه تخطيط  لماهية المرحلة التالية لما بعد إجراء التغيير .
و عندما يكون التغيير بدون تخطيط مسبق و عفوي الحدوث فان ما ينتج عن التغيير سيكون مؤكداً فوضى و عدم استقرار للمجتمع و لأركان الدولة الوليدة حديثاً ... فالعراقيين و المصريين و التونسيين و أي مجتمع عربي سيلحق بركب المغييّرين  ... إتحدوا مع إرادة التغيير و لكنهم لم يملكوا الوقت للتخطيط لرسم سياسة دولة المستقبل و لم ينطلقوا من استراتيجية بناء الدولة الديمقراطية الحديثة , باستثناء الاتفاق على حلم جامع ممثلاً برؤية دولة حديثة يعيش الشعب فيها بكرامة و حرية .
و هذا ما جعل شعوب تلك الدول تتارجح ما بين احتفال طويل بنشوة النصر و ما بين فوضى عارمة تجتاح دولهم من عدم استقرار سياسي و اجتماعي .
و لنا في العراق و مصر شهادة حية على انتشار الفوضى العارمة من عدم استقرار سياسي و اجتماعي بات يظهر من خلال ولادة نزعات دينية جارفة بعضها دعا الى سيادة المرجعية الدينية على شئون الدولة كما في العراق . و بعضها - و هنا مكمن الخطر - من الممكن ان يدعو الى حكم ذاتي  كما في مشروع حلم الدولة القبطية في مصر , و الذي لم يعلن عنه رسمياً و لكن كل المؤشرات تقول بان الحلم بدأ ينضج في تفكير الكنيسة و في عقول الشباب القبطي .
برأي الشخصي أن الدولة القبطية قادمة لا محالة و إن كنت انا شخصياً ضد ذلك المشروع تعاطفاً مع الشعب المصري ذو الغالبية المسلمة و لكن التعاطي مع الموقف لا يكون عاطفياً في مثل هذه المواقف للأسف  .
فالغرب بدأ بإضعاف قوة مصر حتى بوجود الحاكم الموالي لها  , عندما زرع جسم غريب في جنوب السودان ليقلص حصة مصر من شريان الحياة ( النيل ) و التمهيد الى اعادة محاصصة النيل لاستعمال الماء كسلاح ضد مصر و كلنا يعلم ان النيل بالنسبة لمصر هو كالماء بالنسبة ,  و هذا يضعف بدوره مستقبل مصر لا قدر الله .

و  كذلك بدأ بتبني حلم الاقباط  أمام المحافل الدولية كاقلية دينية منتهكة الحقوق تسعى للحياة بسكينة و اطمئنان و ان هذا الحلم لن يكون ( من المؤكد ان الأقباط سينطقون بها علناً ) الا بحكم ذاتي او استقلال نهائي ربما يكون في صعيد مصر او في شمال مصر .

سيعتقد البعض ان المجلس العسكري المصري و الحكومة المصرية و من خلفهما الشعب المصري العظيم  سيأد هذه المؤامرة في مهدها و انه سيتصدى لهذا المشروع ان قدر له الظهور و ان الامور ستكون على الدوام لمصلحة استقرار مصر و علو مكانتها و شانها , و ان ما نذهب اليه من تحليلات و تكنهات ليس الا من باب ضرب الخيال و ما الى ذلك من وصف ... خصوصا بعد أن تحررت مصر من قبضة فرعون العصر الحالي و أن شباب مصر اكثر وعياً لاي مشروع صهيوني – غربي يحاك ضد مصر و مستقبلها .... نقدر انه رد غيور على مصر و تاريخها و شعبها .... و لكن :

مع املنا بأن شيئا من ذلك لن يحصل , و أن ما نذهب اليه ليس الا مجرد تكهنات .

الا انني اقف كثيرا عند المشهد العراقي و أرى كيف نشأت كينونات الحكم الذاتي ... و لم يكن حلم العراقيين قد تخطى حاجز الحياة بكرامة في عهد جديد .

أقف مرتعباً عند مشروع الحلم الصهيوني لبناء دولته من الفرات الى النيل ... فأجد ان مصر العزيزة هي الشوكة الجارحة في حلق الصهيونية و ان إضعاف مصر و قوتها من خلال إستغلال الازمات سيضعف مصر و مستقبلها .

افكر كثيرا حول هاذين الموقفين لأجد أن الفوضى السياسية و الاجتماعية التي تعقب اي تغيير داخل المجتمع  تمهد الطريق لايقاظ أحلام كثيرة لدى البعض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لمشاركتكم
ان مدونون من أجل حقوق الانسان ترحب بمشاركاتكم و تشجع عليها و تحتفظ بحقها في نشر او عدم نشر اي تعليق لا يستوفي شروط النشر وتشير الى ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء مدونون من أجل حقوق الانسان وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً. شروط النشر: ان مدونون من أجل حقوق الانسان تشجّع قرّاءها على المساهمة والنقاش وابداء الرأي وذلك ضمن الاطار الأخلاقي الراقي بحيث لا تسمح بالشتائم أو التجريح الشخصي أو التشهير. كما لا تسمح بكتابات بذيئة او اباحية او مهينة كما لا تسمح بالمسّ بالمعتقدات الدينية او المقدسات.

إبحث / تصفح / إستعرض الموقع من خلال المواضيع

اجندة حقوق الانسان (1) احزاب (21) اديان (12) إصلاح (61) إضراب (3) اطفال (19) اعتقالات (2) اعدام (1) إعلام (24) اعلان (11) اغاثة (7) أفلام (32) الاردن (54) الإمارات (3) الامم المتحدة (2) الانتخابات (6) الإنترنت (7) الانسان العربي (28) البحرين (1) البطالة (1) البيئة (4) التمييز العنصري (22) الحروب (3) الحرية (4) الشباب العربي (18) الشرق الاوسط (18) الشفافية (3) العدالة (5) العدالة الإجتماعية (69) العراق (6) العشائرية (2) العنف (12) العنف الجامعي (3) الغام (1) المرأة (6) المغرب (1) الملكية الدستورية (2) اليمن (1) اليوم العالمي (5) اليوم العربي (2) أنظمة (36) برامــج (18) بروشورات (4) تدوين (11) تراجيديا (19) تعذيب (18) تعليم (22) تقارير (5) تنمية (4) ثورات الغضب الشعبية (69) ثورة العبيد (2) جامعات (4) جرائم ضد الانسانية (31) جوائز حقوق الانسان (2) حريات (14) حرية تعبير (8) حزب الخضر الأردني (12) حقوق الاقليات (1) حقوق الانسان (92) حقوق الحيوانات (1) حقوق اللاجئين (5) حقوق المعاقيين (2) حقوق المواطنة (4) حقوق تائهة (12) حملات تضامنية (55) خواطر (59) دليل دراسي (5) ديمقراطية (11) رسائل (6) سلام (3) سلسلة (19) سوريا (40) سياسة (12) شعر و أدب إنساني (10) صور (39) عقوبة الإعدام (1) عنف (8) فساد (14) فكر (6) فلسطين (13) قانون (12) قضايا مجتمع (108) كتب (13) ليبيا (8) مدونة سلوك (1) مذاهب سياسية (2) مصر (9) مصطلحات حقوقية (13) مظاهرات (5) معاهدات و اتفاقيات (2) مقالات المحرر (49) منح (1) منقول (32) نشطاء (8) وثائق (15) ورش عمل (7) ويكيليكس (2) ENGLISH (7)