25/12/2009
رحم الله أياما كان الطامعون و العابثون في منطقتنا يعدون العدة و يجهزون الجيوش لاحتلال بلادنا و الحجر على ثرواتنا كون العدو كان معروف الهوية فهو إما أن يكون بريطاني أو فرنسي أو ايطالي ... الخ لأننا كنا نعرف من هو عدونا , و ما زلنا نترحم على ترديد عبارة الاستعمار الاقتصادي بدل العسكري التي اتبعتها الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن الماضي و ما زالت و كان الحال يقول حينها انه يتوجب علينا اللحاق بركب التمدن الحضاري حتى لا نندثر بين الأمم , و ما نخشاه الآن – و بدا بالفعل بحصد نتائج سلبية - أسلوب جديد للاستعمار بدا يستشري في منطقتنا العربية الغرض منه استعمارنا و السيطرة علينا من خلال تفكيك مجتمعاتنا و قيمنا و عاداتنا من خلال استعمال مصطلح حقوق الإنسان , و الملفت للنظر أن طرفا ممن يروج لهذا الأسلوب الجديد من الاستعمار هم من أبناء فلذتنا و كبدتنا , يحملون هموم و معاناة المنطقة بأكملها على عاتقهم للترويج بالمعاناة و الانتهاكات على مرأى من العالم و كان الإنسان كان لدينا في القرن الماضي حيوان أو مشابه .
الغريب في الأمر للوهلة الأولى أن بعض الحقوق تنتهك بالفعل في بلادنا العربية و مجتمعاتنا و تتفاوت من دولة و مجتمع لأخر فلا اجزم بان المواطن السوداني أو الصومالي ينعم بتلك الحقوق التي ينعم بها المواطن الأردني على سبيل المثال و لا نقول هنا أن الأمر عادي و مقبول فالخطأ غير مقبول و لكن الغريب في الأمر أن يتخذ هذا الانتهاك كسلاح ذو حدين , ( الأول ) بتدخل الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية و من خلفهم بعض المنظمات الدولية المشبوهة في شؤون دول المنطقة العربية تحت ذريعة مطالبتها بالحد من انتهاكات حقوق الإنسان و استعمال وسائل ضغط اقتصادية أو غيرها, و السلاح ( الثاني) يتمثل بقيام تبني المواطنين و نشطاء حقوق الإنسان العرب لتلك المطالب الداعية لاحترام حقوق الإنسان و إن كانت بعض المطالب مقبولة و واقعية بالفعل كونه يوجد انتهاكات لبعض الحقوق في بعض الدول .
فالشيْ الخطير في الأمر أن التدخل بشؤون المنطقة و السيطرة عليها من خلال أدوات حقوق الإنسان يتم بشكل أو بأخر من خلال أبناء المنطقة معتقدين أنهم يخدمون مجتمعاتهم , غير مبالين و واعين بأنهم يهدمون قيمه و مبادئه و يبتذلون عاداته و تقاليده و يهدمون دياناته و يعرضون امن دوله للانحلال و التفسخ .
فمعالجة أبناء المنطقة لانتهاكات حقوق الإنسان لا تكون باللجوء إلى بعض الجهات المشبوهة كالولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا للاستنجاد بهما لرفع المظالم ولا يتم باللجوء إلى بعض المنظمات المشبوهة ( كمنظمة حقوق الإنسان أولا ) التي روجت و ما تزال تروج لحرب إبادة في إقليم دارفور السوداني راح ضحيته بحسب ادعاءاتها ما يزيد عن الربع مليون قتيل و تشريد الملايين و حقيقة الأمر أن شيْ من ذلك لم يحصل , و الأغرب أن اللاجئين بأكملهم يعيشون داخل السودان ؟!
معالجة أبناء المنطقة لانتهاكات حقوق الإنسان لا تأتي بالركوب على ظهر الدبابات الأمريكية و كان نتيجة هذا التدخل السافر ضياع أبناء و ثروات العراق للأبد لدرجة أن الشعب أصبح يترحم على ما كان يسميه أيام الطغيان .
معالجة أبناء المنطقة لانتهاكات حقوق المرأة لا تتم بسلخها عن دينها و مجتمعها و العمل على استصدار قوانين و تشريعات تبرر غيابها و نكاحها و سفرها و لا تجيز مسائلتها من قبل ولي أمرها تحت ذريعة تمدن و حضارة المرأة فما اعلمه من مطالب للمرأة هو بان تعمل و تتعلم و تختار حياتها الزوجية و بإرادتها و ان يكون لها رأيها الخاص بها .
و لا تتم بإلغاء عقوبة الشرف المخففة و إن كان هنالك بعض الضحايا البريئات لان الغاية عامة هنا و تساهم في خلق رادع لدى النساء من الإقدام على خرق ناموس العادات و كان من باب أولى بمطالبي إلغاء عقوبة الشرف المخففة العمل على توعية المجتمع و خصوصا الذكور منه بضرورة التأني و الترويج لدعوات أخرى كتشديد عقوبة من يثبت بحقها جرم الزنا إلا إذا كان أصحاب الدعوات تلك لا يعتبرون الزنا جرما و هم بذلك اشد خطرا من الاستعمار المباشر كونهم يدعون صراحة إلى إلغاء أحكام الدين الإسلامي .
و لا ادري كيف يتم تبني حقوق الشواذ جنسيا من قبل بعض النشطاء العرب في بعض الدول العربية , و لا ادري ما علاقة الشاذ جنسيا هنا بالجنس البشري أصلا و جميع الكنائس و المساجد و المعابد رفضته على السواء .
معالجة انتهاكات حقوق الإنسان تأتي بتبني مطالب واقعية تراعي عادات و تقاليد المجتمع و إن كان هنالك بعض العادات السلبية و الغير مقبولة كتزويج الفتاة الصغيرة في بعض الدول العربية فنحن ضد مثل تلك العادات و ما قصدته هنا أن تحترم حقوق المرأة مثلا بإعطائها حقها في التعليم و العمل و أن تكون حرة و تتمتع بإرادتها و أهلية الأداء دون أن يتعارض ذلك مع قيم المجتمع , فالمرأة غير مهيأة طبيعيا و نفسيا للانخراط في مثل هذا الوضع فمن قدر له أن يزور بلدان شمال أفريقيا أو الدول الأوروبية لشاهد معاناة 90% من النساء هنالك و كيف تعتبر أداة رخيصة للترويج الجنسي و الإعلاني ليس إلا فالمرأة هنالك غير مؤهلة حتى لتكون أم أو ربة بيت .
فهل هذا ما يسعى إليه بعض مروجي حقوق المرأة من أبناء منطقتنا مع العلم أن ذلك هو بذاته ما تسعى إلى ترويجه في مجتمعاتنا بعض الدول الأوروبية و بعض المنظمات المشبوهة.
و لا يستغرب المواطن العربي هنا أن عناية الأوروبيين و الأمريكيين للحيوانات ليس من داعي احترام حقوق الحيوان ابتداء و إنما لفقدان الحقوق الاجتماعية و انعدام الأمن الاجتماعي هنالك فأصبح المواطن هنالك يفضل صداقة الحيوان على الإنسان و للحفاظ على ديمومة هذه الصداقة كان أن تم صناعة أغذية مخصصة لها و بناء مستشفيات خاصة بها و هذا بمفهوم مواطنينا يفسر على انه احترام لحقوق الحيوان مما يوقعه في شك مفاده انه إذا كان الحيوان يتمتع بحقوقه فما بالنا بحقوق الإنسان ساعتها , و أود الاستفسار هاهنا عن قيمة الحيوان لدى المواطن الأوروبي قبل ذلك أين كانت ؟
إن معالجة انتهاكات حقوق الإنسان تأتي بوضع أجندة وطنية نابعة من إرادة المجتمع تراعي قيمه و تحترم خصوصيته و تدرك حاجاته لا أن تستورد أجندات و مطالب جاهزة فهل سمع أحدا ما في الأردن مثلا بوجود برنامج لمكافحة البطالة أو الفقر أو لمعالجة انتشار ظاهرة الأطفال اللقطاء . رغم أن ذلك يعتبر من صميم و لب حقوق الإنسان ؟ّ
إن مطلب حقوق الإنسان مطلب هام و ضروري لبناء المجتمع و لتحقيق التنمية و للحفاظ على قيمة و جوهر الإنسان و لكن أن ينعم الإنسان بحقوقه المناسبة مع تلقينه أبجديات استعماله حتى لا يضر نفسه و غيره , و في ظل رقابة حكومية ممثلة بقوانين و تشريعات تكافح الفساد و ترسخ مبادئ العدل لتخفيض معدلات هجرة أبناء المنطقة .
إن وجود أجندة وطنية لحقوق الإنسان يكون تحد من مركزية الدولة و تحد من تدخلاتها المباشرة التي تعمل على الحد من استعمال حق التعبير و تفشي البيروقراطية و الفساد الإداري و سوء توزيع فرص العمل و الثروات أصبح مطلبا ضروريا لا بد من معالجته قبل أن نرضخ لمطالب الدول الكبرى و منظماتها و جنودها من بعض النشطاء الحقوقيين العرب و بالتالي و بدل ان نلحق بركب الأمم نجد أنفسنا قد تهنا في طرق وعرة و مظلمة .
و ابلغ ما يقال هنا بان الشخص القادر على استمالة رأي زوجته إلى جانبه الآن فانه على الأغلب لن يكون قادرا على فعل ذلك مع ابنته أو حفيدته .
لتدرك دولنا العربية أن احترامها لحقوق مواطنيها ليس من باب الرضوخ و ليس من باب تطبيق المثل القائل بأنه إذا كبر ابنك خاويه ( بمعنى استمع إليه و اقبل منه ) بل عليها إن تدرك إن احترامها لحقوق مواطنيها يضمن مساهمتهم في بناء المجتمع و التنمية و يقلل من تفكيرهم بالهجرة و بتكوين أحزاب المعارضة و الاستعانة بطرف أخر .
و أتمنى أن يعي نشطاء حقوق الإنسان في دولنا العربية مكانة و قيمة عملهم فهم أشبه ما يكونون بملائكة العدالة و أن أمانة الحفاظ على عادات و تقاليد المجتمع الجيدة تقع على مسئوليتهم و عليهم أن لا يتبنوا مطالب عمياء لا تفيد في حقيقة الأمر مجتمعهم بل تساهم في هدمه حجرا حجرا إلا أن تنفصم شخصية مجتمعنا فيصبح بلا هوية و بلا مضمون و بلا قيمة غير متناسين أن بيئة المجتمع الجغرافية و الفيزيولوجية تؤثر على شخصية الإنسان و تكسبه عادات و تقاليد تتلاءم و شخصه و بالتالي فان العمل على تغييرها أشبه ما يكون بعملية استنساخ لإنسان جديد سيثبت فشله عاجلا أم أجلا .