استراحة قصيرة
7/10/2008شيئا ما يدفعك و يشجعك للاستمرار بهذا العمل ( الشاق بالفعل ) لا ادري ما هو بالضبط .. هل السبب في حبي للبشرية ام ان السبب كوني مررت بتجربة و وقت صعب خلال حياتي ... لن اقول بان السبب هو لايماني المطلق بحقوق الانسان ,,, لان ذلك جاء بعد العمل و تعلقي به و ادراكي لمدى اهمية الحقوق بالنسبة للانسان..
ايا كان السبب,,, فاني خرجت مقتنعا بان العمل في هذا المجال يتطلب وجود صفات اساسية لكي يحرز العمل نجاحا .. و هذه الصفات ليست شرطا و انما تميز الناشط بل و تميز العمل .... يتطلب العمل اولا .. الحب و الاخلاص في العمل .. يتطلب منك الامر ان تترك عائلتك .. اصدقائك... من اجل هدف سامي .. من اجل خدمة انس لا تعرفهم و لم تلتقي بهم شخصيا و لا تنتظر منهم منفعة مادية..
من الصفات المطلوبة ... الصبر و الارادة ... ان العمل في هذا المجال كالعمل في المزرعة ... لا تنتظر ان تثمر النتائج بين ليلة و ضحاها ... فاغلب ثمار هذا العمل يحصده الجيل الذي ياتي من بعدك .. فالمبدأ هنا انك تزرع و غيرك يحصد ... لا اقول بان كل العمل ياتي بنتائج متاخرة و لكن المنفعة على العموم تاتي متاخرة لا محالة و ان استثني تحقيق بعض المنافع لبعض الفئات
ستلاحظ بان العمل في المنطقة العربية صعب جدا لانك ستكتشف بان الجهل باهمية و ماهية حقوق الانسان يعم المنطقة العربية باسرها فالمواطن العادي يعيش في دوامة جهل و خوف و مفهوم خاطأ لماهية حقوق الانسان و سيصيبك العمل في هذا المجال بالغثيان و الاكتئاب كثيرا و لكنك ستتعود عليه .
و ستكتشف بان الطبقة الواعية و التي تستخدم الانترنت و التي تبلغ نسبتها عربيا ما بين 3-20 % ( تختلف من دولة لاخرى ) ستكتشف بان اغلب افراد هذه الشريحة ( اكثر من 98% ) تفضل المواقع الاباحية و مواقع الدردشة بغرض التعرف على الجنس الاخر على المواقع الانسانية,,
لا تيأس حينها لان ذلك هو عملك ... عملك و هنا تظهر ارادتك و نشاطك و هنا يظهر مدى حبك و استمرارك في العمل ... انت لا تتوقع ان يقبل 99 % من مستخدمي الشبكة على المواقع الانسانية و الحقوقية ليتحدثوا عن حقوقهم و ليشاركوا الاخرين وجهات النظر ... هنا بمكنك ان تضع لنفسك معادلة ... امامك 99 انسان غير مهتم ... كل انسان تستطيع جذبه الى صفك فان ذلك يرفع من درجاتك لتصل بالمجموع الى المائة ... انها مثل كفتي الميزان ... مهمتك ان ترجح كفتك ( كفة العمل الحقوقي و الانساني ) على كفة المواقع الاباحية و مواقع الدردشة الغير مجدية على الاطلاق)
من الصفات المطلوبة ايضا .. النشاط . فالعمل في هذا المجال يحتاج الى مجهود عقلي و بدني كبيرين سواء اكان العمل ميدانيا ام من خلف جهازك الخاص .. ان هذا العمل يتطلب ساعات و ايام قد تقضيها خلف جهازك او لمطاردا لخبر ما,,, يجب ان لا تشعر بالملل حينها...
و اهم ما يتطلبه العمل ايضا .. ان تبدع في هذا العمل ... هذا العمل السامي واسع المجال و كونه يتعلق بالانسان كجسد و روح مشاعر فان ذلك يعني ان تعمل في كل المجالات و الامكنة الازمنة التي يتواجد فيها هذا الانسان.. قد تعمل في مجال الدفاع عنه او في مجال تثقيفه و يتنوع العمل و طبيعته الى كثير من المجالات فقد تعمل في مجال التاليف او الموسيقى او الافلام او التدوين ,,,, و غيرها الكثر من المجالات .
و يخطا من يقول بان وجود الدعم المادي او المعنوي شرطان اساسيان لانجاح العمل ... هما ضروريان و لكن العمل يسير و يتقدم ببطأ حينها . عندما كنت في بلدي الاردن تقدم احد الاشخاص بفكرة تخدم مصالح شريحة مهمة جدا من المجتمع ... الا و هي نشر ثقافة الوعي بحقوق المعاقين و المتخلفين عقليا و جسديا ... فكرة عظيمة و مهمة و لكني رفضتها جملة و تفصيلا لاني شعرت بانه سيستغل المشروع لمنفعة مادية ... و هذا ما يمكن تسميته بالحق الذي يراد به باطلا ... رغم اني كنت بامس الحاجة لدعم مادي .. هذا هو الفارق بين الانتماء و الاخلاص لهذا العمل و بين الاقدام عليه لغرض المنفعة او لمجرد الحصول على وظيفة ... انا متاكد جدا بان هذا الشخص و امثاله سيرفضون على الفور السفر الى المناطق المنكوبة او مناطق المجاعات ... فالسبب واضح ... فقدان الشعور بانسانية الاخرين ... و لطالما كنت اسال نفسي ... لمذا يقتل الجندي الاسرائيلي مثلا الشباب الفلسطيني بدم بارد ... وجدت الاجابة مع الزمن ,,, انها فقدان الشعور بانسانية الاخرين... لو كان هذا الجندي يؤمن بانسانية ذاك الشاب لما فكر بقتله ابدا ... انها ليست اوامر عسكرية واجبة التطبيق ... فهنالك جنود يرفضون ذلك بل و يرفضون حتى الخدمة و يعرضون انفسهم للعقوبة .... مفضلينها على قتل الانسان .
لقد مررت بهذه المرحلة في بدايات العمل و لكوني عملت و مازلت اعمل منفردا دون الانتماء الاداري او المالي لاي جهة كانت ,,,, فان العمل كان شاقا جدا و لكنه بحمد الله و فضله وجد تجاوبا بين شريحة من مستخدمي شبكة الانترنت ....
و بعد هذه التجربة فاني اشجع كل ناشط و مهتم في هذا العمل ... بالاقدام على هذا العمل باخلاص و تفاني ,,, لا تنتظر الدعم المالي كثيرا ... انت بين نارين ... فرجال الاعمال و المؤسسات العربية لن تدعم لانها تربط عن جهل بين مصطلح حقوق الانسان و بين امن الدولة و السياسة ....... فيخافون من السلطات العامة . اما النار الثانية فانك ان حاولت الاتصال بجهة خارجية تمولك و ما اكثرها ... فانك تعرض نفسك للمسائلة القانونية من قبل دولتك و ستسجن بالتاكيد ... فان كانت الاردن التي تعتبر من اكثر الدول العربية تقريبا تساهلا مع النشطاء ستوجه لك تهمة مخابرة اطراف خارجية او تمويل الارهاب تحت غطاء المساعدات الانسانية فما بالك لوكنت في دول كسوريا او تونس او ليبيا ,,, حينها لن توجه لك تهمة ,,, لانك و بكل بساطة قد تختفي عن وجه هذه البسيطة.
لا تياس اخي من هذا الحديث و لا تاخذها كمقياس فانما هي تجربة ... احببت ان اخبرك عنها .. لتكون على بصيرة.
ابدا على الفور ان كنت تتمتع بالصفات التي ذكرتها لك .... لا تقول لنفسك باني لا املك موقع على الشبكة ان كنت ترغب العمل الالكتروني ... تناسى حاليا العمل الميداني ... لان هذا العمل غير متوفر في المنطقة العربية و لا توجد منظمات متخصصة بهذا المجال ..
هنالك مواقع مجانية كثيرة على الانترنت ,,, فهو يؤدي الخدمة ,,, استخدم احدها ,,, حاول الابتعاد عن مواقع الاستضافة العربية مع احترامي و تقديري للعاملين عليها ... قدر الامكان لتجنب اغلاق الموقع ... كونها تخضع لشروط استعمال قاسية من قبل السلطات العامة ...
هذا جزء من تجربة مرت بها ... و رغم الصعوبات التي واجهتها الا انني كنت سعيدا و مازلت بهذا العمل ... لا اعلم ما هو السبب ... هذا ما بدات به خاطرتي و انهيها به .. بكل صدق لا اعلم السبب في استمراري .. و تجدني انتقل من تاسيس موقع الكتروني لاخر دون الشعور باي كلل او ملل ... احمد الله على النشاط الذي منحنى اياه ,,, اتذكر جملة قالها لي احد الاعضاء من غزة ( نحن اهل غزة شربنا الماء المالح .. اما انت فشربت الصبر ) مقولته هذه لم تشعرني بالياس ... مثلا,,, انما على العكس زادت من عزيمتي و ادراتي على تحقيق الهدف و الغاية .
بعد ثلاث سنوات تقريبا من العمل في هذا المجال و الذي بداته في ال 15 من اكتوبر من العام 2005 افتخر باني اقتربت كثيرا من ملحمة المأساة العربية و ادركت معناها و وواقعها,, لدرجة اني استطيع القول بكل يقين ان انساننا العربي ليس متخلفا و جاهلا فقط و للاسف .. و انما يتأخر عن الحضارة المدنية عشرات السنين .. فالعبرة ليست في بناء ناطحات سحاب لا تتعدى كونها اسمنت و حديد ... كما في الخليج العربي العزيز ان كان من يديرها عقل غير عربي ... و العبرة ليست في ركوب السيارات الفارهة ان لم تنتج بعقول عربية ... ان القوى الغربية لا تسمح بوجود مصانع عربية تصنع بخاخ قاتل البعوض و تصنفه على انه من المواد الخطرة ... فكيف ستسمح لنا بالتمدن ...
ان مفتاح سعادتنا و شقائنا بايدينا نحن.. نعم بيد الحاكم و المحكوم .. لو علم الحاكم ان احترام حقوق مواطنيه سيبني البلد لما تردد.. و لكنه و للاسف يعلم و لكنه اثر حب السلطة.. و لو علم الانسان العربي اهمية الحقوق لطالب بها بشراسة مستميته و لكنه خضع للذل و الخوف .. متى يعي العالم العربي بان الانسان هو نمن يبني و هو من يهدم.. متى نعي من تجربة الاتحاد السوفيتي و اوروبا الغربية بعيد الحرب العالمية الثانية ... خرج السوفيت منتصرين و هم قابعون على بحار من الثروات و الامكانيات التي لم يستفيد منها المواطن شيئا فكانت نهاية الاتحاد سريعة ... خرج المواطن العادي فرحا بهذا السقوط و على العكس ... خرجت اوروبا الغربية مدمرة اقتصادية ... ايقنت بان الانسان هو من يبني فاحترمت حقوقه و منحته اياها كاملة فكانت النتيجة ... ازدهار سريع و نماء كبيرين بوقت قصير.