ما أؤمن به يقينا بان فلسطين ليست هي الجغرافية بمفهوم المساحة و الحدود و الجنسية حيث ساهم هذا المفهوم في اختزال الصراع بين مفاوضين فلسطيني يستجدي حقه و بين اسرائيل المعتدية, لكي يتمكن المفاوض الفلسطيني من تحصيل القليل من النفوذ لتمكينه من بسط سيطرته على الجزء القليل من الجغرافية سيئة الذكر .
المفاوض الفلسطيني رسًخ مفهوم الجغرافية مضطرا حيناً ( بسبب تأفف الدول المستضيفة للفلسطينين و سوء المعاملة للقيادة حينا أخر مما دفعه للقبول بإتفاقية أوسلو بحثاً عن حياة بعيدة عن تلك التي عاشها بين احضان إخوانه العرب ) و مجبراً حيناً أخر بسبب ضعف موقف المفاوض الفلسطيني امام المفاوض الإسرائيلي الذي أجاد بسط لعبة شد الحبل حيناً و طلب الاستجداء حينا أخر و إتباع سياسة فرق تسد حيناً اخر .
لن نقف عند إتفاقية اوسلو التي وقعت نهائياً على شهادة وفاة القضية الفلسطينية و تحويلها إلى نزاع فلسطيني - إسرائيلي بحت يتم التفاوض بشأنه عبر المحادثات فقط , و التي كبلت المفاوض الفلسطيني بقيود الإلتزامات الدولية حيث تبدأ أولى هذه الإلتزامات بضرورة مكافحة المفاوض الفلسطيني للإرهاب ( المقاومة الفلسطينية ) و تفرض القيود مزيدا من الإلتزامات ( حسب المفهوم الاسرائيلي ) و هي في حقيقة الأمر ليست إلا تنازلات خطيرة ( كشاف الجزيرة ) .
ما يهمنا في الموضوع أن فلسطين ليست الجغرافية حيث بات للإنسان الفلسطيني كيان لا يستطيع التنقل داخل مدنه . و حيث بات للإنسان الفلسطيني خريطة تتغير معالم حدودها كل ساعة . و حيث بات للإنسان الفلسطيني وثيقة سفر لا تعترف بها دول العالم .
فلسطين هي الدين حيث يكون الإنسان الفلسطيني حينها قوياً , بل و أقوى من اسرائيل بحيث تمكن الانسان الفلسطيني من قلب اوراق الطاولة و وضع شروطه لتمكين الطرف الاسرائيلي من البحث عن حيز يأوى إليه .
فلسطين هي الامانة بل و هي الديانة و هي المقدسة المطهرة حيثما تنقلت بين مدنها و قراها ...
سارع أخي المفاوض الى إخراج النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي من عنق الزجاجة و الغاء اتفاقية اوسلو ليجد الصراع مكانه بين احضان العرب حتى و إن خذلونا ... حتى و إن خسرت مكانك كمفاوض و مركزك و مالك الذي جمعته و الجاه الذي تبحث عنه .... فما تحققه حسب قناعتك ليس في حقيقة الأمر الا مسمار جديد يدق في نعش القضية الفلسطينية .
لا تقنع أخي المفاوض نفسك بأنك بارع الذكاء لتجبر اسرائيل على منحك حقوقك و بانك ستتفادى ما وقعت به الامم السابقة و انبيائها من غدر اسرائيل .
لا تستمر يا اخي الفلسطيني في استجداءك للطرف الاسرائيلي لنيل حقوقك , حيث لن تقدم له الا التنازلات و لن تحصل على شيْ ملموس , لتجد انك لم تحظى بشيْ مما وقعت عليه . ولا تنتظر اسرائيل لترمي لك الورقة الاخيرة على طاولة المفاوضات التي سيكتب على ظهرها عبارة واحدة لا ثانية لها : إبحث عن مكان تأوي إليه مع ما تبقى من الفلسطنيين في هجرة قد تكون الثالثة او الرابعة .... بينما نحن نحتفل في الأثناء بيوم ذكرى النكبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لمشاركتكم
ان مدونون من أجل حقوق الانسان ترحب بمشاركاتكم و تشجع عليها و تحتفظ بحقها في نشر او عدم نشر اي تعليق لا يستوفي شروط النشر وتشير الى ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء مدونون من أجل حقوق الانسان وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً. شروط النشر: ان مدونون من أجل حقوق الانسان تشجّع قرّاءها على المساهمة والنقاش وابداء الرأي وذلك ضمن الاطار الأخلاقي الراقي بحيث لا تسمح بالشتائم أو التجريح الشخصي أو التشهير. كما لا تسمح بكتابات بذيئة او اباحية او مهينة كما لا تسمح بالمسّ بالمعتقدات الدينية او المقدسات.