28‏/8‏/2010

الحكومات العربية x المؤسسات الحقوقية = التعادل الايجابي

2010/08/28

تشهد منطقتنا العربية في الوقت الراهن تنامياً ملحوظاً و ملفتاً للنظر نحو الانشطة و البرامج التي ترسخ مبادىْ حقوق الانسان , سواء بمبادرات خجولة تقدمها حكوماتنا العربية  أم بإندفاع قوي من قبل المؤسسات الحقوقية العربية و نشطاء حقوق الانسان .
فأمام إستحقاقات الدولة المدنية الحديثة و المواكبة العصرية كان لابد من تقديم حكومات دولنا العربية تنازلات كانت أشبه ما تكون بالمحرمات الى عهد غير بعيد , فالإنسان العربي لم يعد ذلك الشخص الموجه إعلاميا مع ثورة الإنفتاح الإعلامي و ثورة الاتصالات  و مؤسساتنا العربية الحقوقية  خرجت عن أسلوب الاستنكار و إستصدار التقارير الروتينية الى حراك عملي ميداني نشط تمثل بندوات و ورشات عمل و إنتاج برامج يتفاعل معها الفرد و المجتمع .
نستطيع القول أن إلتقاء المصالح بين ضدين متناقضين و عدوين لدودين في الماضي قد إلتقت في مصلحة واحدة مشتركة هدفها و محورها إحداث تنمية للمجتمع .
 فالدول العربية وصلت الى درجة من الوعي و القناعة بأهمية إشراك الإنسان في تحريك عجلة التنمية , و ذروة الوعي هنا كان في ضرورة منح الانسان مزيداً من الحقوق لكي تضمن ولاءه و انتماءه و بالتالي إقباله على العمل و التنمية ... و هذا صب أخيراً في مصلحة المؤسسات الحقوقية العربية التي بادرت بالطبع إلى تغيير نمط عملها الروتيني فإنتهزت هذه المنحة و حولت عداوتها الى صداقة و شراكة .
و لما لا ... مادام أطراف المعادلة مستفيدون بأكملهم من الحراك , فالدولة لم تعد تخشى بالمطلق شيئاً مصطلحات حقوق الانسان , و المؤسسات العربية أصبحت تعمل ضمن أهدافها التي أنشئت من أجلها .
لن نتفائل بالقول أن عقلية الدولة العربية قد تحولت للأفضل و انها أصبحت صديقة لمفاهيم حقوق الانسان و للمصطلحات الخضراء بأكملها و لكنها خطت خطوات إيجابية ملموسة نحو تحسين العلاقة مع الإنسان العربي و إستيعابه من جهة و مع المؤسسات الحقوقية من جهة أخرى .
و قد يكون الحال مطبقاً في بعض الدول العربية دون الأخرى في الوقت الراهن,  إلا أن رياح التغيير قادمة لا محالة نحو المنطقة بأكملها , فدول مثل الأردن و لبنان و العراق و مصر أصبح الحراك الحقوقي نشطاً ومرئياً و قوياً أكثر من ذي قبل , و السياسات الحكومية بقوانينها و تشريعاتها و برامجها أصبحت أكثر مرونةً من ذي قبل و أقل تشدداً  تجاه المؤسسات الحقوقية و نشطائها . و لن نخوض في تفاصيل ذلك لأن شواهده كثيرة و متعددة .
كنشطاء حقوقيين  ندرك أن مطالبنا المشروعة التي لا سقف لها لكسب المزيد من الحقوق سيتعارض أحيانا أمام بعض العادات و التقاليد التي نحترمها وقد يكون ذلك غير مبرر لدى بعض النشطاء كمناصري حقوق الأقليات و حقوق المرأة  .
كما و ندرك جليا أهمية مبدا التدرج في ترسيخ الحقوق على مراحل لكي يستتب مفهومها و تطبيقها من قبل المواطن العربي حتى لا ينقلب السحر على الساحر كما حصل في مذبح الديمقراطية العراقي و اللبناني و غيره , حيث أدى ترسيخ الحق بدون تنظيم و رقابة الى ما لا يحمد عقباه على المجتمع ككل , فلم نكن نسمع بمصطلح ان البعض ينتهك حق المجتمع و الدولة .
كما و ندرك حجم إلتزامات الدول العربية و مسئولياتها و إمكانياتها و بالتالي تعارض ذلك امام بعض المطالب  .
نحن على يقين تام بأننا لن نطالب بحق لفرد او لأقلية على حساب حق المجتمع ككل و لن نطالب بحق من شأنه ان يسمح لبعض الدول الاجنبية بالتدخل بشئون مجتمعنا العربي .
و لن نطالب بحق سيعمل على تفسخ عادات و تقاليد المجتمع و ينتهك حرمته .
امام هذه العلاقة النموذجية الوليدة التي شاءت ظروف التغيير العالمية أن تبدل العداوة المكنونة بين الدول العربية و بين المؤسسات الحقوقية الى علاقة احترام نامية و تعاون منشود ليس لنا إلا أن نكون منطقيين أكثر و حذرين أكثر فأكثر ...
فينبغي أن تكون مؤسساتنا الحقوقية نشطة للإستفادة قدر الإمكان من هامش الحركة المتاح حالياً وأن لا تضع ضيق الهامش الحالي مبرراً لعدم التحرك أو عائقا أمامها و أن تكون واعية لماهية الحقوق التي تطالب بها و لماهية البرامج التي تنفذها فلا اعتقد أن أي حق يعتبر حقاً بالمطلق ... فالعديد من الحقوق التي طالبت بها بعض المؤسسات الحقوقية إتضح أن نتائجها عكسية و سلبية على كيان الدولة و بنيان المجتمع خصوصا تلك التي تتصادم و خصوصية المجتمع من عادات  تقاليد ايجابية و تتصادم و إنتماء المجتمع الديني .
إن تطور العلاقة النموذجية يجب أن يكون قابلاً للتطور أكثر فأكثر و ساعياً لترسيخ مفهوم الشراكة و التكامل , فالمؤسسات الحقوقية العربية لا تستطيع  أن تخدم المجتمع و تحقق من أهدافها بمنأى عن دعم الحكومات لها و بتقديم التسهيلات لها , و العكس صحيح, فالدول العربية ممثلة لم تعد قادرة على تجاهل دور و أهمية و مدى تعاظم أنشطة و برامج المؤسسات الحقوقية , بل لم تعد قادرة على تحقيق التنمية بمنأى عن إشراكها و مساعدتها.
نسعى من خلال تحسن الأجواء الى إيجاد علاقة تكاملية بين الدول العربية كحكومات من جهة و كمؤسسات عربية  حقوقية اهلية و نشطاء حقوقيين من جهة أخرى  مبنية على اسس احترام الطرف الأخر و العمل نحو تنمية الفرد و المجتمع  .
و النصيحة لحكوماتنا العربية بأن تبقى على خطى سيرها الحالي الذي بدأته , و أن تغيير نظرتها و مفهومها لقيمة الإنسان و أن تحول طريقة عملها من متمنع و متشدد الى مراقب و شريك عمل .

25‏/8‏/2010

نحن و العالم ... فأين تكمن قيمة الإنسان العربي ؟

24/08/2010
بعيد صدور توصية اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان الى الامانة العامة لجامعة الدول العربية باعتماد يوم عربي خاص يحتفل به  كيوم عربي لحقوق الانسان يضاف الى اجندة الايام الوطنية لدول و مجتمعات المنطقة فإننا نقف امام تساؤلات عدة تدور حول واقع الانسان العربي و مستقبله .
كمنظمات و نشطاء محليين و عرب  و كمجتمعات عربية و دول ... الى اين وصلنا في مسيرة الالف ميل التي نذرنا انفسنا من خلالها لخدمة الانسان العربي و ماذا قدمنا له و ما هي رؤيتنا في المجمل لمستقبله...
فمع تنوع و تعدد المذاهب و التيارات الدينية و العرقية و السياسية في مجتمعاتنا ... هل وجد انساننا العربي موطأ قدم وسط هذا الزحام الطبيعي الذي تحول بفعل ارادتنا الى تنوع سلبي .
و كدول عربية و انظمة سياسية  ,, اين وصلت قيمة الانسان العربي لديها و ما هي اولوياته في اجندتها الطويلة  خصوصا ان جل ما احتوته الدساتير العربية يدعو الى تأصيل و حماية و تنمية حقوقه .
و للوقوف على قيمة الانسان العربي كان لا بد لنا من النظر الى واقعه الحالي , من باب فتح صفحة جديدة امام ذاتنا اولا و امام انظمتنا السياسية العربية ثانيا , لا بالرجوع الى ماضيه و الوقوف على شواهده التي لا يختلف اثنان حول ماساة الانسان العربي و مدى تعرضه للظلم و الحرمان و الاضطهاد .
فمما يحسب ايجابا لدولنا العربية  انها ايقنت اخيرا قيمة الانسان  لديها على اختلاف اصله و ديانته و مذهبه السياسي في بناء المجتمع و الدولة من خلال ولائه و انتماءه للمجتمع و للنظام السياسي  و ذلك من خلال منحه الحقوق المطبعة " و الحقوق المطبعة بفتح و تشديد الباء تعني منح المواطن حقوقا مقابل اشتراط ولاءه و انتماءه . و هذا حاصل اصلا في اغلب الدول العربية  منذ امد بعيد , حيث كانت تقوم الدولة باستمالة طائفة معينة او اقلية معينة على حساب باقي الشرائح الاجتماعية و الدينية و لكن الملفت للنظر حديثا قيام الدول العربية بتبني سياسة استيعاب الجميع و من ذلك قيام الاردن على سبيل المثال و لبنان باستيعاب جميع المواطنين على اختلاف اصولهم و مذاهبهم و تياراتهم الفكرية و السياسية تحت مظلة العدالة  المساواة و تكافؤ الفرص .
فقيمة الانسان العربي ليست مصطلحا اصم يتداول بين النصوص القانونية و الدستورية و في البيانات و الخطابات فقط و انما هي سلوك و أداء يقترن وجودها بما تقدمه مؤسسات الدولة من خدمات و مساواة و عدالة  بل يتعدى ذلك الى تبني و تطبيق قوانين مكافحة التمييز العنصري بكل اشكاله .
يحدونا امل كبير بان يقطع الانسان العربي اشواطا كبيرة و سريعة في طريق كسب حقوقه و تمكينه من استعمالها  ليقف مع نظرائه من العرق البشري على مسافة واحدة من احترام الذات و المكانة  مع تحفظنا على مصطلح الاشواط السريعة كون ذلك يعني استعمال الحقوق بدون بذر ثقافة الوعي و المسئولية بماهية الحقوق , الا ان ذلك لا يشكل عائقا كبيرا مع الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات الدولة و المجتمع المحلي و نشطاء حقوق الانسان في نشر ثقافة الوعي حول حقوق الانسان .
نستطيع الجزم الان بان مجرد اعتماد الجامعة العربية  لليوم العربي لحقوق الانسان يعتبر خطوة هامة و ان كان سيتخذ لا محالة شكلا معنويا للاحتفال به كسائر الايام التي تحتفل بها مجتمعاتنا و دولنا ,, الا ان ذلك المظهر المعنوي يعترف بقيمة الانسان العربي من حيث المبدآ و سيتحول تدريجيا و مع جهود المجتمع العربي بافراده و مؤسساته  الى نشاط ثقافي و حراك حقوقي يؤرخ ماضي الانسان العربي و يسطر انجازاته و يحاول ان يرسم ملامح مستقبله .
كل الشكر  التقدير لدور جامعتنا العربية و لامانتها العامة و للجنتها الدائمة لحقوق الانسان على  تبني اليوم العربي لحقوق الانسان و اختيار السادس عشر من مارس من كل عام كيوم عربي كما اتوجه بالشكر  التقدير لكل من ساهم في انجاح هذه الحملة  من مؤسسات حقوقية عربية و نشطاء الذين ساهموا في تحقيق هذا الانجاز العظيم و الذي مكننا من تجاز الخطوة الاولى في مسيرة الالف ميل .

إبحث / تصفح / إستعرض الموقع من خلال المواضيع

اجندة حقوق الانسان (1) احزاب (21) اديان (12) إصلاح (61) إضراب (3) اطفال (19) اعتقالات (2) اعدام (1) إعلام (24) اعلان (11) اغاثة (7) أفلام (32) الاردن (54) الإمارات (3) الامم المتحدة (2) الانتخابات (6) الإنترنت (7) الانسان العربي (28) البحرين (1) البطالة (1) البيئة (4) التمييز العنصري (22) الحروب (3) الحرية (4) الشباب العربي (18) الشرق الاوسط (18) الشفافية (3) العدالة (5) العدالة الإجتماعية (69) العراق (6) العشائرية (2) العنف (12) العنف الجامعي (3) الغام (1) المرأة (6) المغرب (1) الملكية الدستورية (2) اليمن (1) اليوم العالمي (5) اليوم العربي (2) أنظمة (36) برامــج (18) بروشورات (4) تدوين (11) تراجيديا (19) تعذيب (18) تعليم (22) تقارير (5) تنمية (4) ثورات الغضب الشعبية (69) ثورة العبيد (2) جامعات (4) جرائم ضد الانسانية (31) جوائز حقوق الانسان (2) حريات (14) حرية تعبير (8) حزب الخضر الأردني (12) حقوق الاقليات (1) حقوق الانسان (92) حقوق الحيوانات (1) حقوق اللاجئين (5) حقوق المعاقيين (2) حقوق المواطنة (4) حقوق تائهة (12) حملات تضامنية (55) خواطر (59) دليل دراسي (5) ديمقراطية (11) رسائل (6) سلام (3) سلسلة (19) سوريا (40) سياسة (12) شعر و أدب إنساني (10) صور (39) عقوبة الإعدام (1) عنف (8) فساد (14) فكر (6) فلسطين (13) قانون (12) قضايا مجتمع (108) كتب (13) ليبيا (8) مدونة سلوك (1) مذاهب سياسية (2) مصر (9) مصطلحات حقوقية (13) مظاهرات (5) معاهدات و اتفاقيات (2) مقالات المحرر (49) منح (1) منقول (32) نشطاء (8) وثائق (15) ورش عمل (7) ويكيليكس (2) ENGLISH (7)