15-10-2010
تمتاز ثقافة الإنتخابات في الأردن بمّيزات فريدة من نوعها , لعل من أهمها ترويج الشعارات الوطنية و انتشار مآدب المناسف و تداول شراء أصوات الناخبين إلى جانب الميول إلى القبلية و العشائرية لإختيار المرشح مع ظهور فئة من المرشحين الباحثين عن مطامع من وراء المجلس النيابي , و لا عجب أن يخرج في النهاية مجلس نواب تجزم الغالبية باعتباره ظلاً ساكناً تنمو في ظلاله الديمقراطية الوليدة مترعرعة بهواء فاسد و رطوبة عالية , و العجب أن الأصوات تتعالى في نهاية كل دورة و حدث برلماني بالقول أن الحكومة لا تريد برلماناً قوياً و لا تريد للديمقراطية الوليدة أن تنمو و تترعرع في جو صحي , متناسين أن ثقافة الانتخابات السائدة بين جموع المواطنين هي من أوجدت مجلس النواب و انه في الحقيقة مرآة للمجتمع و يعكس رغبته .
فالمسألة هنا ليست توجيه الاتهام إلى ذات المجلس و تحميله سبب الفشل بقدر ما هو فشل شخص النائب أو المرشح الذي أتى به الناخب من خلال ثقافة الانتخابات الموروثة في عقله الباطني و لو قدر استبدال المرشح آو النائب بأخر لكان الأسوأ منه أو الشبيه به جزما .
فالمتتبع لبرامج مرشحي مجلس النواب الانتخابية يلحظ الطابع الإنشائي الذي يغلب على البرنامج الانتخابي خاصتهم و استمرار أغلب المرشحين في إتباع سياسة المراوغة المشروخة من أجل إستمالة طرفي المقص " الناخب و الحكومة " و ذلك من خلال تبني الشعارات التي تمجد الأردن حجراً و شعباً , علماً أن الأردن لا يحتاج إلى من ينادي بوحدة شعبه لوحدته في الأساس حتى و إن وجدت بعض الترسبات العنصرية فهي أخذة إلى الاضمحلال و الإختفاء مع مرور الزمن .
و لا يحتاج الأردن إلى تبني المرشحين لمطالب بعض البرامج الحكومية المكلفة التي تمس هم المواطن الأردني , لأن الحكومة بجميع أجهزتها و إمكانياتها تعمل على هذه البرامج و تواجه صعوبة في تعميم بعضها كبرنامج التامين الصحي و المقعد الجامعي لكل مواطن .
إلى ذلك نجد بعض البرامج الانتخابية التي تنادي برفض التوطين و حق الفلسطينيين في العودة و هذا و إن كان ايجابياً إلا انه من الثوابت الوطنية التي لا تحتاج إلى تكرار في كل مناسبة و يعتبر حشوا لا فائدة منه في البرنامج الانتخابي كون المواطن الأردني لن يفكر في هذا الموضوع ابتداءً قبل تأمين لقمة العيش الكريم
ما يحتاجه الأردن و المواطن الأردني في أجندة المرشح الانتخابية هو أن يكون في صلبها فعلاً و مضموناً و بالتقرب إليه و ملامسة همومه و مناقشة قضاياه و العمل على تبنيها و تنفيذ البرنامج الانتخابي على هذا المبدأ .
بإمكان المرشحين أن يوزعوا إستبيانات على ناخبي دائرتهم تتضمن أسئلة محددة قد لا تزيد عن ثلاث , و بدون أي تكلفة تذكر , لمعرفة أهم قضاياهم و مشاكلهم من صرف صحي أو غلاء معيشة أو تعليم أو مستوى الخدمات المقدمة لهم .
كثيرة هي البرامج التي يحتاجها المواطن الأردني من برامج توفير فرص عمل إلى برامج تحسين الأوضاع المعيشية و إلى برامج تبنًي برامج الخدمات .
و المرشح الذكي هو من يقدم حلولاً لقضايا المواطن و مشاكله , لا بتبنّيها فقط كشعار و مطالبة الحكومة بحلها , لأن مجلس النواب الأردني يفتقد إلى وظيفة أساسية إلى جانب دوره التشريعي و الرقابي متمثلة بتقديم آليات و حلول لمعالجة قضايا المواطن و ليس الاكتفاء بدور المطالبة بالحلول , علماً أن الحكومة و بوجود وزاراتها المتخصصة ليست بحاجة إلى يرشدها إلى وجود قضايا شائكة بل إلى من يعينها على حلها .
بل لعله من الأجدى على المرشحين أن لا يبالغوا في الإنفاق على حملاتهم الانتخابية التي قد تصل إلى مليون دينار لبعضها و العمل على إستبدال مخصصات المناسف و مخصصات شراء الأصوات و الزينه بالإنفاق على توسعة مسجد أو بناء مدرسة أو بمساعدة العائلات الفقيرة أو بتنفيذ أي من برامج الخدمات التي يحتاجها المواطن .
و من الغرابة أن نجد غالبية المرشحين ( بإستثناء مرشح واحد تقريباً) ممن سيحظى بفرصة لتمثيل الأردن أمام العالم و مخاطبة نظرائه في مجالس النواب من حول العالم و هو يجهل استعمال الانترنت حتى أن غالبيتهم لا يوجد له موقع الكتروني يعرّف عنه أو عن برنامجه الانتخابي و الإشارة إلى هذه الملاحظة هامة بسبب خاصية الانترنت كوسيلة اتصال و تواصل على المستوى المحلي و الدولي , فضلاً عن تنامي نسبة مستعملي هذه الخدمة في الأردن إلى ما نسبته النصف من المجتمع الأردني.
و لعل وزارة الداخلية و وزارة التنمية السياسية معنيتان بمعالجة خلل و عيوب ثقافة الانتخابات السائدة من أوسع الأبواب و في المقام الأول , فوزارة الداخلية تقع على عاتقها مسئولية إخراج قانون انتخابات أكثر فعالية يعكس من خلاله مبدأ المساواة و العدالة و بما يسمح بوجود تمثيل لكافة فئات المجتمع , حتى و إن إعتمد نظام الكوتا مبدئياً كوجود تمثيل لذوي الاحتياجات الخاصة و تمثيل للعمال و تمثيل لمؤسسات المجتمع المدني التي تعني بتجذير أسس الديمقراطية و حقوق الإنسان و تمثيل لفئة لا تمتلك مالاً سياسياً يمكنها من الترشح إلا أنها تملك ما يمكنها من خدمة مجتمعها فيما لو قدر لها الترشّح , و يا حبذا لو كان القانون لا يسمح بترشّح أشخاص لا يحملون درجات جامعية في بلد تجاوزت نسبة التعليم لديه التسعون بالمائة و هذا برأينا أهم من مناقشة موضوع أو قانون الصوت الواحد كونه أثبت عدالته و أفضليته و الذي لا يحتاج إلى مناقشة في حين تجاوزت اغلب دول العالم مناقشة هذه المسالة .
و يقع على عاتق وزارة التنمية السياسية أن تعمل على وأد ثقافة الانتخابات السائدة ليس فقط بالعمل قبيل أشهر معدودة من بدء الانتخابات و من خلال يافطات موزعة على أرصفة الشوارع تدعو المواطنين لممارسة حقهم بالانتخاب , بل من خلال التوعية المستمرة لاعتباراته و أهميته و آليات الانتخاب السليمة و من خلال تمكين و إظهار ذوي الكفاءات و شرائح المجتمع المختلفة .
و يمكن الإشارة إلى العلاقة المتكاملة لوصف الواقع الحالي المتمثل بالثالوث السياسي المتمثل بوجود تقصير حكومي ( ممثلاً بقانون الإنتخابات و بعدم وجود توعية انتخابية صحيحة ) في بيئة تحكمها ثقافة انتخابية فاسدة مما يؤدي قطعاً إلى ظهور مجلس نواب غير فعال , حتى و إن ضم بعض المعنيين بالعمل النيابي .
نتمنى أن يرتقي الناخب الأردني و هو مقبل على الإنتخابات إلى مستوى الحدث , و ذلك بإنكار المصطلحات الانتخابية السائدة و الإدراك بمسئولية الصوت و تبنّي معايير سليمة للتصويت تقوم على إختيار المرشح المناسب و الأجدر فلعل وجود غالبية مميزة من النواب في المجلس المقبل يقلب معادلة الثالوث و يصححها .
اوافقك الراي استاذ غاندي فيما ذهبت اليه من ضرورة محاربة افة ثقافة التخلف الانتخابية المستشرية في الاردن ...
ردحذفنحن بحاجة الى مواطن واعي للحصول على نائب جيد حتى يخرج لدينا مجلس نواب فعال و قوي و قادر على محاسبة الحكومة و مراقبتها
و السؤال الذي يطرح نفسه ؟؟؟ من اين نبدا في رحلة وعي المواطن ؟
اخي العزيز
ردحذفو ما فائدة ذلك اذا كان الشعب يعشق التخلف و الفساد و يعلم الخطا من الصواب و رغم ذلك يبيع نفسه مقابل دراهم معدودة
الشعب جائع و لن تفيده المبادىء بشيْ و على استعداد لبيع ابناءه للمرشح مقابل اي مبلغ مالي او وجبة عشاء
رغم كل الحملات التي تقوم بها بعض الجهات مثل كلنا الاردن الا ان هناك أفكار تسود بشكل غير مسيطر عليه لدى الفئة العظمى من المجتمع وللأسف نراها ظاهره لدى الشباب..... للأسف واقع محبط ولكن لابد من الاستمرار بالكلام
ردحذفشكرا على مقالتك أؤيدك فيها
شاهدنا كيف تمثلت ثقافة الناخب الاردني في مجلس النواب الاخير استاذ غاندي ..
ردحذفالمواطن اصبح يباع و يشترى علنا و مقابل اربعين و خمسين دينار
تحيا الديمقراطية و يحيا وزير الداخلية و مبروك للحكومة مجلسها